مساحة إعلانية

حليب النوق بالصحراء..غذاء طبيعي ورمزية ثقافية


حليب النوق بالصحراء..غذاء طبيعي ورمزية ثقافية
الصحراء بامتدادها الطبيعي والمجالي، تسحر المحبين وعشاق البساطة الإنسانية، فتولد فيهم روح الاندماج الحر والسلس مع المحيط، بشرا ومحيطا طبيعيا، ولأن هذه عادتها، فقد كان الإنسان الصحراوي يستفيد من كل ما تزخر به هذه الطبيعة، لاستمرار حياته دون أن يلحق بها الضرر أو يؤثر على توازنها، وأنى له فعل ذلك، وهي أمه الكبرى وروحه الساكنة بين جنبات الجسد.
حليب النوق .. ثقافة ورمزيةحليب الإبل ليس فقط غذاء متزنا ومتكاملا، بل هو قبل هذا كله، رمز ثقافي واجتماعي عريق لدى ساكنة الصحراء، "فالزريك"، وهو عملية تقديم الحليب في إناء خاص، يطلق عليه "الكدحة" أو "اجيرة"، سواء تمت إضافة السكر إليه لتحليته أو لا، يعد أكبر دليل على حسن استقبال الضيوف وإكرامهم، ولهذا الصنيع نفس دلالة وعمق حضور وتقديم الشاي أو "أتاي" للقادمين للخيمة أو "الدار"، كما له أكبر وقع في نفوس الزائرين والقادمين، تعميقا للعلاقات الإنسانية وتطييبا للخواطر وتأصيلا لفعل التواصل الاجتماعي.
الحليب .. مكونات غذائية غنيةيعتبر حليب الإبل مصدر غني بالبروتينات، فهو غذاء كامل مما يعني أنه يحتوي على المغذيات الطبيعية الكافية للحفاظ على الحياة مع غياب مصادر التغذية الأخرى. كما أنه يحتوي على مستويات عالية من البوتاسيوم والمغنيسيوم والحديد والمنغنيز والنحاس والصوديوم والزنك مقارنة بحليب البقر بالإضافة إلى احتوائه على كمية أقل من الكوليسترول، كما أنه يحتوي على فيتامين c أكثر بـ 3 مرات والحديد أكثر بـ 10 مرات من مستواها في حليب البقر، كما أنه مغذي بشكل كبير حيث يتم إعطاءه في بعض الدول للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.
إنه دواء وليس فقط غذاءتكشف الأبحاث العلمية المنشورة عن حليب النوق والتي شملت دراسات على البشر وأخرى أجريت على حيوانات التجارب مثل الفئران، عن مجموعة من المعطيات أبرزها، أن لحليب النوق دور محتمل في تقليل مستويات الغلوكوز ونسبة (HbA1c) لدى مرضى السكري من النوع الثاني، كما أن حليب النوق قد يقلل مقاومة الإنسولين للخلايا، والتي تعد إحدى آليات الإصابة بالسكري من النوع الثاني، فضلا على أن هناك مؤشرات إحصائية على أن المجتمعات التي تستهلك لبن النوق تنخفض لديها معدلات الإصابة بالسكري.
يقول بعض الباحثين إن حليب النوق يحتوي على بروتينات تشبه هرمون الإنسولين، واللاكتوفيرين والغلوبولينات المناعية التي تلعب دورا -وفق رأيهم- في خصائص هذا الحليب المفيدة للصحة، كما أشارت دراسة نشرت عام 2013 إلى دور محتمل للاكتوفيرين بحليب النوق في تثبيط تكاثر خلايا سرطان القولون، كما قد يكون لحليب النوق دور في تثبيط الآلية الالتهابية في الأوعية الدموية، مما يجعل له دورا كمادة مضادة للسرطان.
حليب النوق.. من مشروب إلى جبنبجهة الداخلة يتواجد أكثر من 25 ألف رأس من الإبل، والتي أسهمت بشكل كبير في زيادة معدل المنتوج من الحليب، الشيء الذي دفع بالمربين الى التفكير في الاستفادة بشكل أكبر من هذه الثروة، وهو ما جعل بعض الملاك يعملون على تحويل هذا المنتج الى "جبن"، كما وضعت الجهات الحكومية الوصية على القطاع على المستوى المحلي، برنامج عمل يروم الرفع من حجم المنتج من 4 ملايين لتر سنة 2012 إلى حوالي 10 ملايين في 2020. وهو ما سيمكن من خلق آلاف فرص الشغل، ويضيف للمربين قيمة خاصة من حيث المردود المالي، ففي الداخلة تتم صناعة أجبان من حليب الإبل بطرق مدروسة بعناية وباستخدام أحدث التقنيات.
ندوات عدة والهدف واحد وواعددعا المشاركون في ندوات عدة نظمت، بالعيون والداخلة وغيرها من مدن الصحراء، التي تنتشر بها تربية الإبل، إلى العمل على "تكثيف وتثمين حليب الإبل، والعمل على تنويع المشتقات من أجل الرفع من إنتاج حليب النوق". هذه الندوات التي تنظم من طرف المديريات الجهوية للفلاحة، أسهمت في ايصال فكرة أساسية للمهتمين والمختصين والملاك، أن من شأن تصنيع حليب الإبل وتثمينه المساهمة في تعزيز الإنتاج الغذائي على صعيد جهات الصحراء.
كما أبرزت هذه الندوات أن مخطط المغرب الأخضر يشكل إطارا ملائما ومشجعا لتنمية هذا القطاع، خاصة أن التجارب التي أجريت بالمغرب لتصنيع حليب الإبل حققت نتائج مشجعة. كما دعا المشاركون إلى تنظيم مربي الإبل في إطار تعاونيات أو جمعيات، والرفع من مستوى وعيهم الصحي ومواكبة المستجدات على مستوى التربية والإنتاج وأهمية هذا الحليب لما له من خصائص فيزيوكيماوية ومميزات علاجية وطبية وفوائد غذائية.

المحجوب لال
للتحميل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق